كثافة النيران التي يطلقها جيش الاحتلال على غزة دخلت أسبوعها الثاني (الفرنسية)
نقولا طعمة-بيروت
أجمع خبراء إستراتيجيون على أن إسرائيل دخلت في مأزق مزدوج، عسكريا وسياسيا، في حربها على غزة.
وثمة تباين في بعض الآراء بشأن الاختلاف بين حربي غزة ولبنان 2006 خصوصا في البعد الجغرافي لساحتي المعارك.
اللواء المتقاعد في الجيش اللبناني ياسين سويد –وهو باحث إستراتيجي- يعتقد في حديث لـ"الجزيرة نت" أن "إسرائيل دخلت في مأزق مزدوج عسكريا وسياسيا في حربها مع غزّة، وهي تستدعي الاحتياط، متّبعة سياسة التعمية على الخسائر لأنها تعلم أن شعبها إذا عرف بحقيقة خسائرها، فسوف يثور عليها".
وبخصوص المأزق السياسي الإسرائيلي، يرى سويد أنه ليس من صالح إسرائيل اقتلاع حماس من غزة، لأن الذي سيحل محلها هو تيار من فتح، وبذلك تصبح إمكانية قيام دولة فلسطينية من الضفة إلى القطاع ممكنة، وهذه الدولة مرفوضة إسرائيليا.
ويرى الدكتور أمين حطيط -الباحث الإستراتيجي والعميد المتقاعد- في حديث لـ"الجزيرة نت" أن "المرحلة التدميرية للبنان لم تحقق أهدافها بالكامل، لأن إسرائيل أخفقت في ضرب المنظومة القيادية والسيطرة على حزب الله، وأخفقت في تشتيت المقاومين، وإسكات منصات الصواريخ. ويكاد هذا الوضع يتكرر في غزة".
"
سويد: إسرائيل بدأت الحرب بالقصف الجوي لثمانية أيام بغية إلحاق الضعف والهزيمة بحركة حماس، فتستسلم، آملة أن يجنّبها ذلك الحرب البرية، غير أن حماس لم تستسلم، واضطرت إسرائيل إلى اللجوء إلى الحرب البرية
"
مقارنة 2006-2008
ولفت سويد إلى أن إسرائيل بدأت الحرب بالقصف الجوي لثمانية أيام بغية إلحاق الضعف والهزيمة بحركة حماس فتستسلم، آملة أن يجنّبها ذلك الحرب البرية، غير أن حماس لم تستسلم، واضطرت إسرائيل إلى اللجوء إلى الحرب البرية.
ويقارن سويد بين حربي غزة ولبنان 2006، فيجد فارقا نوعيا بين الحالتين، ويقول "أولا، عنصر المفاجأة مختلف بينهما، والعدّة التي أعدّها حزب الله في الجنوب فاجأت الإسرائيليين، فلم يتمكنوا من التقدم إطلاقا، بينما عنصر المفاجأة في حرب غزة كان بيد إسرائيل حيث بادرت إلى القصف الجوي، وهو ما لم تتوقعه حماس".
وذكر أن الطيران الإسرائيلي فشل في تحقيق أي غاية في 2006 في الجنوب اللبناني، واضطر أن يوجه ضرباته على الضاحية في بيروت أواخر أيام الحرب.
حطيط يضع ثلاثة عناصر في المقارنة بين الحربين: الأهداف، والقدرات المتوافرة، والخطط مع نتائجها.
ويشرح عناصر المقارنة، ذاكرا أنه "بالنسبة للهدف، فإن حربي 2006 و2008 هدفهما واحد وهو اجتثاث المقاومة، وبالنسبة للقدرات المتواجهة، فهناك الطرف المهاجم وهو واحد أي إسرائيل، بينما تنطلق القوى المدافعة من نفس الحوافز والقواعد والمفاهيم والعقيدة وهي الدفاع عن الأرض والذات وتحقيق الحقوق الوطنية. وفي هذه الأهداف تطابق.
أما الخطط، فإن الخطة التي اعتمدتها إسرائيل في 2006 قامت على تنفيذ مرحلتين، الأولى القصف التدميري لتقطيع أوصال المقاومة، وتجزئتها أشلاء، ثم تعقبها مرحلة تقوم على التطهير من الأشلاء والسيطرة على المقاومة، وهذه الخطة وضعت بحذافيرها لغزة".
ويشير إلى أن إسرائيل قامت في لبنان بعملية جس نبض في مارون الراس للوقوف على قوة المقاومة، وهذا أيضا ما قامت به في غزة في زيادة الضغط على شمال غزة بمحاصرتها.
ويستنتج أن الحربين تكادان تتطابقان في معظم نتائج التقييم والتقدير. مع تباين في جغرافية المكانين.
جنود إسرائيليون يجهزون قذائف المدفعية لقصف غزة (رويترز)
تقارب الجغرافيا
ويتقاطع سويد مع حطيط في أن هناك فارقا بين الحربين يتعلق بجغرافيا المعركة، ويعتقد سويد أن المقاومة في الجنوب استطاعت أن تتصرّف بحريّة أكبر نظرا لاتساع الجنوب، وتباعد المسافات بين القرى والبلدات، ولم تكن المقاومة تخشى أن تصيب النيران المواطنين، بينما مساحة غزّة 358 كيلومترا مربعا، وفيها مليون ونصف مليون إنسان.
ويلاحظ حطيط تمايزا في المستوى الجوي من المعركة، ويعود ذلك إلى جغرافية المكان وعدم اتصال غزة بعمقها الجغرافي بسبب إقفال معبر رفح، بينما كانت منطقة حزب الله متصلة جغرافيا ببعدها الإستراتيجي عبر الحدود مع سوريا.
النتائج المتوقعة
عن النتائج المتوقعة، يعتبر حطيط أن إسرائيل أخفقت إخفاقا تاما ميدانيا ولم تستطع أن تحقق الإنجاز الرئيسي في جنوب لبنان، ولهذا تم الانتقال إلى مجلس الأمن.
ويرى أنه في غزة يبدو الجيش الإسرائيلي أقرب إلى العجز والإخفاق في حسم المعركة، وعلينا الانتظار للأيام السبعة القادمة لنرى في أي اتجاه يسير الميدان، في الوقت الذي بات فيه محسوما أن تغيير الواقع في غزة وفق ما تريده إسرائيل أصبح حديثا غير موضوعي.
ويخشى سويد من لجوء مجلس الأمن إلى اتّخاذ قرار في غير ما تطالب به المقاومة، وتوقع أن تبحث الدول الغربية عن حل يرضي إسرائيل ويبقي حماس في غزة.
المصدر: الجزيرة